بقلم أ. وفاء الخوالدة
لمتابعة الكاتبة على مواقع التواصل :
تعريف الأعمال الصالحة، هو كلّ فعل يقوم به صاحبه مُخلصًا لله ربه تبارك وتعالى، وهي بذلك عبادة يرتجي منها صاحبها الأجر والثواب من الله.
فما عمل المسلم عملًا صالحًا بصلاح النيّة وحسنها وصدقها لله وحده، إلا كان بها أجرًا وثوابًا عظيمًا، والعبادة اسم جامع لكل ما يُحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة.
والعبادة كلمة فعلها واسع ورحب، فتبدأ من أصغر فعل إلى أكبر فعل فمن رأفتُك بعصفور جائع وإطعامه إلى توحيدك وإيمانك بالله وحده كلها عبادة.
والعبادات تبدأ بالتزامك بأركان الإسلام وأركان الإيمان قبل أي شيئ، فهي أساس الإسلام وعامود ارتكازه، فتبدأ أركان الإسلام من الشهادتان، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله وإقامة الصلاة، صلاةً خاشعة خالصةً لله تعالى، وايتاء الزكاة، زكاة وافيةً كافيةً فيها من الحب والإيثار الكثير، وصوم رمضان إيمانًا واحتسابًا، صومٌ عن السيئات وعن الصغائر قبل الكبائر من الذنوب، تهذيبًا للنفس وصقلًا لها، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا، زيارة لبيت الله العظيم وآداء لمناسك الحج تطهيراً للروح وشفاءً للجروح.
وهذه الأركان هي عِماد الإسلام وما بُني عليه:
“بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ”.
وتذكر أن كل تلك الأركان إن لم يرافقها قلبٌ سليم، خالٍ من الغل والحسد والشوائب والنفاق فهي وبالٌ وسوء على صاحبها.
قال أبو العلاء المعري:
ما الخَيرُ صَومٌ يَذوبُ الصائِمونَ لَهُ وَلا صَلاةٌ وَلا صوفٌ عَلى الجَسَدِ
إِنّما هُوَ تَركُ الشَرِّ مُطَّرِحاً وَنفضُكَ الصَدرَ مِن غِلٍّ وَمِن حَسَدِ
أما أركان الإيمان فإيمانك بالله إيمانًا صادقًا لا يشوبه شك ولا خوف، وإيمانك بالملائكة، وبالكتب السماوية والرسل واليوم الآخر وبالقضاء خيره وشره.
ولا تقتصر الأعمال الصالحة على التزامك بهذه الأركان وانما بالاقتداء برسولنا الكريم في كلّ فعلٍ يفعله، من قراءة القرآن والمداومة عليه وآداء الأمانة والعفو عن الناس والصدق في الحديث وغيرها مما لا حصر له مهما كان بسيطًا وصغيراً ولا يُذكر.
روي في السلسلة الصحيحة عن أبي ذرّ الغفاري رضي الله عنه قال : قلتُ يا رسولَ اللهِ ماذا يُنَجِّي العبدَ منَ النَّارِ قال الإيمانُ باللهِ قلتُ يا نبيَّ اللهِ إنَّ مع الإيمانِ عملٌ قال يَرْضَخُ مِمَّا رَزَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (الرضخ هو العطاء) قال يأمرُ بالمعروفِ وينهى عن المنكرِ قلتُ يا رسولَ اللهِ أرأيتَ إن كان عَيِيًّا لا يستطيعُ أن يأمرَ بالمعروفِ ولا ينهى عنِ المنكرِ قال يصنعُ لأَخرقٍ قلتُ أرأيتَ إن كان أخرقَ لا يستطيعُ أن يصنع شيئًا قال يعينُ مغلوبًا قلتُ أرأيتَ إن كان ضعيفًا لا يستطيعُ أن يُعينَ مظلومًا فقال ما تريدُ أن تتركَ في صاحبِك من خيرٍ تُمسِكُ الأذى عن الناسِ فقلتُ يا رسولَ اللهِ إذا فعل ذلك دخل الجنةَ قال ما من مسلمٍ يفعل خَصلةً من هؤلاءِ إلا أخذتْ بيدِه حتى تُدخِلَه الجنَّةَ.
وإن دلّ ذلك على شيئ فيدُل على أن الإسلام دينٌ مُتاسمح فيه مساحة واسعة من الخير وأبوابه، فحتى ابتسامتك في وجه أخيك صدقة،عن أبي ذر رضى الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”لا تحقرن من المعروف شيئًا ولو أن تلقى اخاك بوجهٍ طلِق”.
ومعنى طلِق: أي وجه منبسط وبشوش ومرح.
و يُنسب إلى الإمام الشافعي رحمه الله إذ يقول :
لاتمنعن يد المعروف عن أحد
مادمت مقتدرا فالسعد تارات
واشكر فضائل صنع الله إذ جعلت
إليك لا لك عند الناس حاجات
قد مات قوم وما ماتت مكارمهم
وعاش قوم وهم في الناس أموات
فافعل من الخير والعمل الصالح ما استطعت تظفر برضا الرحمن وبالجنان.