كيف ننمي خلق الإيثار لدى أطفالنا؟ من الأسئلة التي تراود الآباء والأمهات الذين يسعون لتربية أبنائهم تربية سليمة وترسيخ القيم والأخلاق فيهم،
والتي حثنا عليها ديننا الحنيف.
فما هو الإيثار؟ وما فوائده على الفرد والمجتمع؟ هذا ما سوف نعرفه في هذا المقال مع ذكر قصص عن الإيثار للعبرة والعظة.
كيف ننمي خلق الإيثار؟
من منا لا يرغب في تربية أطفاله على الخصال الحميدة، وتشجيعهم على محبة الآخرين، وتجنب الأنانية،
لكن قبل أن نجيب على سؤال كيف ننمي خلق الإيثار؟ يجب أن نعرف ما المقصود بالإيثار؟
الإيثار في اللغة: مصدر آثر يؤثر إيثارًا أي قدمه واختاره واختصه، وقيل: آثره على نفسه،
وفي الاصطلاح: هو “من الفضائل التي من خلالها يكفُّ الإنسان على بعضٍ من حاجاته الخاصة به ويعطيها لمن يستحقها”،
ويجب علينا غرس هذه الفضيلة بأطفالنا، وننميها بداخلهم، ويمكن ذلك من خلال تعمد إظهار إيثارنا وتعاطفنا مع الآخرين أمامهم،
وبهذا سوف يلاحظون ويتعلمون بالمشاهدة، ومن أهم الطرق التي يمكننا من خلالها حث الأطفال على هذه الخصلة الحميدة:
- تعليم طفلك كيفية فهم مشاعره والتعبير عنها، فعندما يتعلم الطفل التعبير عن مشاعره وفهمها والتعامل معاها بالتالي يستطيع ملاحظة مشاعر الآخرين بموضوعية ويهتم بهم.
- إذا صادف ورأى طفلك موقفًا لزميل له يتعرض فيه للإزعاج ساعده على فهم مشاعر زميله هذا وتحدث معه عن ذلك.
- لابد أن تَكون القدوة لأطفالك فَما تفعلُه لا يَقِلُ في الأهمية عما تَقوله.
- عزّز طفلك بمكافأة عندما يقوم بإظهار الإيثار والتعاطف لتنمية هذا السلوك الإيجابي لديه.
- انخرط أنت وأطفالك في أي عمل تطوعي فيه مساعدة للآخرين وهذا من شأنه يعمل على زيادة إحساسهم بغيرهم وأهم تطبيق حياتي للإيثار.
لكن من المهم عدم إجبار أطفالك على التخلي عن كل شيء لغيرهم،
بل يجب عليهم أن يعرفوا متى يقومون بفعل الإيثار ومتى يتوقفون عن ذلك.
أمثلة عن الإيثار للاطفال
كيف ننمي خلق الإيثار؟ لكي نُشّجع أطفالنا على انتهاج خُلق ما في حياتهم لابد أن يَكون هناك أمثلة ونماذج عن هذا الخُلق حتّى يترسخ في أذهانهم، ومن أفضل الأمثلة ما فعلته السيدة عائشة مع سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، عندما طَلب منها سيدنا عمر أن يُدفنَ بجوار صاحبيه ، وقد كان مَطلبُها أن تُدفن مع الرسول صلى الله عليه وسلم وأبيها سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وكان سيدنا عمر بن الخطاب يعرف ذلك، لكنها أجابت بالموافقة وسمحت له وبهذا آثرته على نفسها بالرغم من رغبتها الشديدة وأمنيتها أن تُدفن بجوار أحبائها.
الإيثار في القرآن الكريم والسنة النبوية
لابد أن نعوّد أطفالنا على الاستشهاد بالقرآن الكريم والسنة والامتثال لما جاء فيهما من أوامر وتجنب النواهي،
ولكي نرسخ في أذهانهم الأخلاق الكريمة والفضائل لابد من الاستشهاد بما جاء في القرآن الكريم من آيات ومن السنة ما يدل على تعزيز الخلق المطلوب أو الفضيلة المرجوة لديهم.
قال الله –عز وجل- «وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» [الحشر: 9].
وقال الله –عز وجل- «لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ» [آل عمران: 92].
فالإيثار من أعظم مراتب البذل والعطاء، وهو من أنواع الصدقات بل أفضل أنواعها.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “جاء رجل إلى النَّبيِّ ﷺ فقال: يا رسول الله، أي الصَّدقة أعظم أجرًا ؟ قال: أن تصدَّق وأنت صحيح شحيح، تخشى الفقر وتأمل الغنى، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم ، قلتَ: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان” رواه مسلم (1032) والبخاري (13/19).
كما أنه سببًا لحلول البركات والخير،
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: “طعام الاثنين كافي الثَّلاثة، وطعام الثَّلاثة كافي الأربع”.
وفي لفظ لمسلم: “طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الأربعة، وطعام الأربعة يكفي الثَّمانية” رواه مسلم (2058) والبخاري (5392).
قصة جميلة عن الإيثار
كيف ننمي خلق الإيثار؟
الأطفال يميلون لسماع القصص ويتأثرون بها، وهي تعد من أجمل الطرق لإيصال المعلومة وفهم الموضوع من جانب الطفل بطريقة مبسطة،
ومن أجمل القصص التي يظهر فيها خلق الإيثار جليًا قصة ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم.
عن أبي هريرة رضي الله عنه “أنَّ رجلًا أتى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فبعث إلى نسائه، فقلن: ما معنا إلَّا الماء. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَن يضمُّ- أو يضيف- هذا؟ فقال رجل مِن الأنصار: أنا. فانطلق به إلى امرأته، فقال: أكرمي ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالت: ما عندنا إلَّا قوت صبياني. فقال: هيِّئي طعامك، وأصلحي سراجك، ونوِّمي صبيانك إذا أرادوا عشاء. فهيَّأت طعامها، وأصلحت سراجها، ونوَّمت صبيانها، ثمَّ قامت كأنَّها تصلح سراجها فأطفأته، فجعلا يريانه أنَّهما يأكلان، فباتا طاويين، فلمَّا أصبح غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ضحك الله اللَّيلة- أو عجب مِن فعالكما، فأنزل الله تعالى «وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» “ [الحشر: 9]. رواه البخاري.
في جماعة النحل من الذي يظهر سلوك الإيثار؟
من أحد النماذج التي يَتمثّلُ بها سلوك الإيثار هي النحل، فاليرقات أو عاملات النحل تقوم بلسع أي جسم غريب يَدخل للخلية
بالرغم من مَعرِفَتها بأنها تُعرِّض نفسها للموت بعد لسعها له، لكنّها تقوم بالتضحية بنفسها في مقابل الحفاظ على الخلية.
وفي ختام مقالنا نكون قد أجبنا عن سؤالنا كيف ننمي خلق الإيثار لدى أطفالنا؟
واستفدنا ببعض النماذج والقصص التي تعزز من خلق الإيثار لديهم، ويتعلمون من خلالها التعاطف مع الآخرين وتقديم يد المساعدة لهم عند الحاجة لذلك، نسأل الله أن يجعلنا من المؤثرين على أنفسهم وأن يهدينا سبل الرشاد.
المصادر
القرآن الكريم
صحيح البخاري
صحيح مسلم